9 يونيو 2025 - 09:08
مصدر: خاص أبنا
آية الله رمضاني: رسالة المبلغين هي إحياء ذكر الله في القلوب/ الإسلام نشأ بأخلاق النبي الكريم، لا بالسيف!

قال الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) في مؤتمر "أهل البيت (ع)، العدل والكرامة الإنسانية" في السنغال: "إن الواجب الأساسي على المبلغ هو إيصال حقائق الدين إلى نفوس المستمعين. المبلّغ يخاطب عقولهم وذواتهم وأرواحهم".

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ انعقد مؤتمر "أهل البيت (عليهم السلام)، العدالة والكرامة الإنسانية" في أكرا، عاصمة غانا، بحضور آية الله رضا رمضاني، الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام). ويزور آية الله رمضاني بلدان أفريقية بدعوة من شخصيات دينية.

وصرّح آية الله رمضاني فيما يتعلق بالمبلّغين الذين يبلّغون رسالة أهل البيت (عليهم السلام) : مقامكم هو مقام المبلّغ، والتبليغ من وظائف النبي الأكرم (صلى الله عليه وله).

وفيما يتعلق بوظائف المبلّغين قال: "إنّ الواجب الأساسي على المبلّغ هو إيصال حقائق الدين إلى المتلقّين. ويتعامل المبلّغ مع عقولهم وأرواحهم وكيانهم. «ما عَلَینا اِلَّا البَلاغُ المُبین‌». إذا استقر علم الدين في قلب الإنسان، كان إنسانًا فاعلًا، وإلا حتى لو تعلم أيضًا علم التوحيد والعرفان، يكون على حد تعبير الإمام الخميني (ره)، يصبح عبئًا عليه لا خليلا.

وقد أشار الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) الى ذكرياته لقائه بآية الله بهجت، فقال: أردتُ الذهاب إلى مكانٍ للوعظ، فذهبتُ إليه وطلبتُ منه بعض النصائح. فأعطاني بعض النصائح، وفي النهاية دعا بدعاءين: الأول: "أستودعكم الله"، والثاني: "أستودعكم الله". هذا دعاءٌ صعب، ومعناه أن الكثيرين في الغرب يسعون إلى إبعاد الله عن عقول وأرواح البشر. أنتم من يستطيع إحياء ذكر الله في القلوب والعقول.

وأكد قائلاً: إذا أردنا إحياء الله في قلوب الآخرين، فعليه أولاً أن يكون حياً في كياننا وقلوبنا. حينها يكون المبلغ مؤثرًا.

وفي جزء آخر من كلامه، ذكر آية الله رمضاني أن الهداية أمانة إلهية، وهي خاصة بالله تعالى، أضاف: في الهداية التكوينية، هدى الله تعالى كل كائن حسب قدرته لقطع الطريق، والنظام التشريعي، أو تقنين القوانين والهداية، فهو بيد الله أيضاً، وبالطبع، نؤمن بأن الله وحده هو من يشرع لسعادة الإنسان، وليس الإنسان نفسه، في الأساس، هناك فرق بين القانون الإلهي والقانون البشري؛ فالقانون الإلهي، عند تطبيقه، يستقر الإنسان والمجتمع، أما القانون البشري، عند تطبيقه، ليس كذلك.

وأضاف: لقد أوكل الله تعالى أمر الهداية في النظام التشريعي إلى الأنبياء (ع)، وبعد النبي صلى الله عليه وآله أوكل إلى الأئمة المعصومين (عليهم السلام). وبما أننا لا نملك الآن اتصالًا مباشرًا بالأنبياء والأئمة (ع)، فقد أُوكل أمر الدعوة والتبليغ إلى العلماء والمبلغين. قال الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث: "أدب الله نبيه أحسن أدب، فلما أحسن أدبه قال له: إنك على خلق عظيم"؛ ولذلك، كان لأخلاق النبي صلى الله عليه وآله الدور الأهم في جذب المتلقين والمسلمين.

وتحدّث الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) حول جهود النبي صلى الله عليه وآله قائلًا: "لقد عانى نبي الإسلام صلى الله عليه وآله خلال ثلاثة وعشرين عامًا أشد العناء. وفي الأساس ان نبي الإسلام صلى الله عليه وآله قد عانى أكثر من بين الأنبياء، حتى إنه قال: ما أذي نبيٌّ مثلما ما أذيت". وكانوا يأتون الى النبي أحيانًا ويقولون له: "العنهم!"، لكنه لم يلعن ولو مرة واحدة. حتى عندما فُتحت مكة  في السنة الثامنة للهجرة، أخبره بعض الصحابة أن المشركين آذوا المسلمين كثيرًا، فلننتقم منهم ونقتلهم. فقال النبي صلى الله عليه وآله: اليوم يوم الرحمة.

وردًا على شبهة، قال: "يقال إن الإسلام نما بسيف علي ومال خديجة، بينما لم تكن هناك حرب في ثلاث عشرة سنة بمكة. إنما نما الإسلام في بادئ الأمر بأخلاق النبي صلى الله عليه وآله وأدبه. وحسب رواية الإمام الصادق عليه السلام، لما كان النبي صلى الله عليه وآله متعلمًا مهذبًا، وُكِّل إليه أمر الدين والأمة، ليصلح أمور الأمة".

وذكّر آية الله رمضاني في الجزء الأخير من حديثه أنه: ما لم يبلغ الإنسان الكمال، لا يمكنه دعوة الآخرين إليه، وما لم ينل هو نفسه نور الهداية، لا يمكنه بثّ النور في الآخرين؛ لذلك، يمكن لكل شخص إيصال النور إلى الجمهور وفقًا لكمية النور التي يدركها.

وصرح بشأن متطلبات المبلغ في المجتمع: يُعرف المبلغ في منطقته بالإمام؛ لذا يجب أن يكون رائدًا في دعوة الآخرين. يأخذ الناس منا لونًا، وعندما لا يكون لدينا لون إلهي، لا يمكننا منح اللون الإلهي للآخرين.

وبيّن الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) أن المبلغ يفتقر إلى دروس دائمًا، قائلا: لا ينبغي لنا أن نظن أننا أكمل الدراسة، فلن نكمل  الدراسة أبدًا. وفي تفسير حديث «إنّ اللّٰه أدّب نبیّه صلّی اللّٰه علیه و آله فأحسن تأدیبه»، قال العلامة جوادي آملي: لدينا ثلاثة أنواع من التأديب، تأديب النفس، ومع الآخرين، ومع الله تعالى. تأديب النفس هو تدريب أنفسنا، وتدريب أعيننا، وآذاننا، وألسنتنا، وأيدينا، وأمورنا. تأديب الآخرين يكون في علاقتنا بهم، لذا يجب أن يكون لديك أفضل خلق وتعامل معهم. أما تأديب الله، فعلينا أن نتعلم كيف نخاطب الله، وكيف نعبده، وكيف نسأله، وكيف نكون عبدًا له.

وتحدّث آية الله رمضاني حول صفات المتقين: قال الإمام علي (عليه السلام) في الخطبة 184، المعروفة بخطبة همام: المتقون هم أهل الفضائل، لقد ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) نحو 100 صفة عن المتقي: «مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ وَ مَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَاد». المتقون هم أصحاب الفضائل والصفات السامية، قولهم صواب، ولباسهم اعتدال، ولباسهم اقتصاد، ومعاشهم معتدل لا إسراف فيه. «وَ مَشْیُهُمُ التَّوَاضُعُ»، مشيتهم متواضعة. يقول الله في سورة الفرقان: «الَّذِینَ یَمْشُونَ عَلَی الْأَرْضِ هَوْنًا». عباد الرحمن هم من يمشون على الأرض هونًا وتواضعًا. «غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ». المتقون يغضون ابصارهم عن الحرام. «وَ وَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَی الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ». لا يُصغون لكل شيء، بل يستمعون لما هو حق ونافع.

واختتم آية رمضاني قوله: يجب على المبلغين أن يكونوا ممثلين عن الإسلام في سلوكهم وأفعالهم. للإمام موسى الصدر قولٌ مفاده: يجب أن نكون ممثلين عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وبسلوكنا نعرف أمير المؤمنين. بالطبع، لا نستطيع ذلك في كثير من الأمور، وهو أمرٌ صعبٌ حقًا، لكن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «وَلَکِنْ أَعِینُونِی بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ». 

.....................

انتهى  /  323 

تعليقك

You are replying to: .
captcha